إن رغبنا عدم أذية أولادنا، فكيف لنا أن نؤدبهم بالطريقة السليمة؟

إن رغبنا عدم أذية أولادنا، فكيف لنا أن نؤدبهم بالطريقة السليمة؟

إن رغبنا عدم أذية أولادنا، فكيف لنا أن نؤدبهم بالطريقة السليمة؟

بقلم مدلين سارة- أخصائية تربية

يغلُب استخدامنا لكلمة العقاب في اللغة العربيّة بالجانب السلبيّ منها، ألا وهو إنزال العقاب كردّ فعل مُستحقّ تجاه الخطأ أو سوء السلوك المُرتكب، من جهة الأطفال والكبار على حدٍّ سواء. لكنّ الكلمة باللغة الإنجليزيّة معنى أكثر ايجابياً ، فكلمة “discipline” التي تشير بالأكثر لمعنى تربية النظام والعادات والسلوكيّات المُنظّمة والمرغوبة لدى أطفالنا، لمساعدته على اكتساب عاداتٍ ونُظُمٍ وسلوكيّاتٍ أكثر لياقةً وتواؤماً وقبولاً . ومن خلال تعليم الدكتور سامح موريس باحدى محاضراته على مدرسة المسيح، موضخاً بمقارنة بسيطة الفرق بين العقاب والتأديب الآتية: 


I. التأديب من الله

لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ (أمثال 3:12)
وَلَكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ.
( 1كو11 : 32)


II. التأديب من الوالدين

رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضاً لاَ يَحِيدُ عَنْهُ.( أمثال 22 : 6 )
اَلْجَهَالَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِقَلْبِ الْوَلَدِ. عَصَا التَّأْدِيبِ تُبْعِدُهَا عَنْهُ ( أمثال 22 : 15)


وقد وضح الفرق بين الاثنين:

*العقاب يتم نتيجة للخطأ
– أما التاديب ليس بسبب الخطأ بل بسبب الإصرار على رفض النصح
* العقاب غضب من الشخص
– التأديب إظهار الحب والتقدير للشخص (قبل، وأثناء، وبعد التأديب)
* علنية العقاب
– وسرية الـتأديب
* فورية العقاب
– اما في التاديب النصح و التحذير قبل أي إجراء العقوبة.
* مقدار العقاب = حجم الخطأ
أ- ما التاديب يؤلم ولا يضر- حجمه ثابت مهما كان السبب – يتغير بحسب السن

وبهذه المقارنة توضيح ان العقاب له نتائج سلبية وأما التأديب فهو الكفيل بالتغيير وضمان نتائج أيجابية بدون إذاء نفسية الطفل زعزعة ثقته بنفسه.

• الأطفال و كيف يكون التأديب؟
تأديب الأطفال ليس هو استخدام السُّلطة المُطلَقة أو الفوضويّة المُتسلِّطة من جهة الأهل نحو أبنائهم، ممّ يترك مع الطفل الإحساس بالذلّ والقهر ، ويؤدّي إلى زعزعة ثقة الأطفال بنفسهم ويُضعف من شخصيّتهم في أخطر مراحل تكوينها.

وهذا هو الذي يحدث كثيراً نتيجة التربية الخاطئة، ممّا يسبّب للطفل مشاكل نفسيّة بالغة تظهر في المستقبل، وقد يكون من الصعب علاجها بعد ذلك.

إنّما لابد أن يُمارس الآباء سلطتهم نحو الأطفال بطريقة لائقة وصحيحة وناضجة، وبوعيّ .
وممّا لا شكّ فيه أنّ كلّ طفل يحتاج إلى التأديب، لكنّ المهم هو أن يُقدِّم الوالدان للطفل مع التأديب (عند عقاب الطفل) الأسباب التي بموجبها يُعتَبر سلوك الطفل أو تصرُّفه ـ من وجهة نظرهم ـ مرفوضاً ويلزمه أن يتوقّف عنه، أو يكون مستحقّاً للتأديب إن هو كرّره أو استمر فيه.

• لنتّفق معاً على القوانين:
لابدّ أن يجتمع الأهل مع الأطفال، ويضعون (يتفقون) معهم القوانين الواضحة الواجب عليه السلوك بموجبها، مع مُحاولة إقناعهم (لحدّ ما) بفائدة وضرورة أن يكون السلوك هكذا، ومخاطر أو مضار السلوك الآخر الذي يُمكن أن يسلكه، ولأجله يكون مُستحقّاً للعقاب. أقول أنه لابدّ أن تكون كل القوانين التي سيُطالِب الأهل الأطفال بالإلتزام بها واضحة ومُتّفق عليها، حتّى يساعد ذلك الطفل ليُدرك الأمور ويتصرّف حيالها بطريقة صحيحة.

• لنرفض التصرّف الخاطيء وليس الشخص المُخطِىء!
يجب على الأب والأم ألاّ يعبّروا عن رفضهم لسلوك الأطفال بطريقة عصبيّة أو بغضب شديد ممّا يجعلهم يخسرون الموقف. بل عليهم أن يتكلّموا بطريقة هادئة دون غضب أو انفعال، بكل هدوء ومحبّة، فتكون الرسالة التي تصل للطفل من خلال تصرفهم أنّه مازال محبوباً، وأنّ محبّتهم له لن تتأثّر بسلوكه الخاطيء. فهم يرفضون سلوكه الخاطيء لأنّهم يحبّونه ويبغون مصلحته. إنهم يرفضون الموقف الخاطئ للطفل لا الطفل نفسه.
وعلاقة الأهل بالأطفال لابد أن تُبنى على عاملَين مُهمّين هما: الحب من جهة، وااحزم من الجهة الأخرى ( كما اشدد على توضيخه دائماً).

وكلّما كان التأديب للطفل ــ تجاه خطأ ما قد اقترفه ــ فوريّاً، كلّما كان ذلك أفضل، لأنّه يُرسّخ المبادىء الصحيحة في ذهن الطفل.

أذاً ما هي الأساليب المقترحة في التأديب (العقاب):
1) المصادرة:بدل ترك الطابة في الخارج لتسرق حتى يتعلم الولد، يمكن فرض نظام في البيت أنه سيتم أخفائها وعدم أمكانيته للعب فيها لمدة أسبوعين. وكذلك بعثرة ألعاب وملابس في أنحاء الغرفة وعدم أعادتها مكانها، سيتسبب في اخفاء تلك الملابس الى ان يتم العتناء في اعادتها مكانها.
22) ضوابط خارجية: بدل من أن نترك طفلة تخرج للشارع منتظرين أن تدهسها سيارة فتتعلم من خبرتها، يمكننا أستبدال النتيجة الطبيعية باجراء معين. كأن نعيدها للمنزل كلما تعدت المساحة ولم تنصاع للتعليمات. ونستطيع أيضاً أن نعيد للبيت ولداً يكثر من أيذاء الأولاد أو الألعاب أو يؤذي الحيوانات. فنعلم الولد أنه يستطيع الأنطلاق للعب طالما استطاع ضبط سلوكه، اما اذا لم، فنقوم نحن بضبطها. الولد صعب السيطرة، ممكن حجزه في الحضن لبضع دقائق، اذا كان كبير ففي الحمام او غرفته.
33) التجميد او التوقيف: بنت ترفض القيام بواجب معين لأنشغالها بأمر آخر، فمثلاً ترفض غسل الفواكه أو الذهاب ألى الدكان لأنها تشاهد التلفزيون أو لأنخراطها في اللعب مع خواتها. على الأم تجميد الفعالية الى أن يتم الأنصياع لطلبها.
44) دعوه يصلح غلطته بنفسه: كسر كأس، ساعديه تكنيسها بحذر. كتب على الحيطان، أعطيه الليفة ودعيه يحاول تنظيفه…..
55) دعوه يدفع الثمن: عندما يكسر لعبة أو يتلف الساعة أو يضيع قلمه أو كتابه، فاطلب منه توفير ثمنها.

الأطفال و أساليب المكافأة أو الثّواب:
وهي مُتعدّدة يمكننا أن نذكر منها: اصطحاب الأطفال في نزهة أو رحلة لمكان مُحبَّب لديه، أو دعوة أصدقائه على الغداء أو العشاء تكريماً له واحتفالاً به. اصطحابه إلى مطعمٍ يحبّه أو إعداد الوجبة المُعيّنة التي يُفضّلها ….. إلخ، كما يمكن إعطاءه تقدمة ماليّة بسيطة ـ من حين لآخر ـ كنوع من التّحفيز أو التشجيع بشرط ألاّ يكون هذا الأسلوب مُستمرّاً. وعموماً نقول إنّه كلّما تعدّدت وتنوّعت طرق التّحفيز (دون استخدام أسلوب مُعيّن بذاته) كلّما كان ذلك جيّداً. ويُفضَّل أيضاً أن تكون هذه الأمور مُعلَنة وواضحة ومُتّفق عليها مع الطفل، تماماً مثلما يكون الأمر مع وسائل التأديب. ولا يجوز بأيّ حال أن يُخّل الوالدان بالتزاماتهما نحو الطفل تجاه هذه الأمور، لأنّ أمراً كهذا كفيل بأن يُضعف ثقته بهما ويسبّب له مشاكل عدّة.

الأطفال و كيف نُعِدّهم للتأديب؟
قبل العقاب، لابدّ أن يُوضَّح للأطفال نوع الخطأ الذي ارتكبوه وأن يقوم الأهل بتذكيرهم بنوع التاديب الذي سبق الإتفاق عليه، ثمّ بعدها يقومون بالتأديب.

ماذا نعمل للأطفال بعد توقيع التأديب؟
وبعدها، يكون لزاماً على الأهل أن يعودوا للتأكيد للطفل أنّهم يحبّونه، وسيظلّون على ذلك، وأنّه بمجرّد نواله التأديب ، يتمّت مسامحته على ما ارتكبه من خطأ، وأيضاً علينا ان نساعده أن يُسامِح نفسه ونشجعه على عدم تكرار الخطأ. بعدها يقم باحتضانه واكد محبّتك له.

وبالنهاية تذكري أن إن راعَى بيوتنا هو الله ، ولذا علينا ان نعمل جاهدين لأن نربط أولادنا بعلاقة حيّة مع الله، بأن ينفدّم لهم القدوة والسلوك الصحيح. فالعلاقة مع الله الخالق ركيزة أساسيّة لا يمكن الإستغناء عنها في طُرُق التربية السليمة والتأديب النافع. وتذكروا انكم قدوة وسيتمثل أولادنا بما نسلكه ونحياه يومياً، وليس بمقدار وعظنا وكلامنا. فكونوا قدوة يمتثلون بكم.