صراعي في التطور وتحدي المجتمع

صراعي في التطور وتحدي المجتمع

صراعي في التطور وتحدي المجتمع

بقلم غريس الزغبي

ظنَنتها ستتزوّج من أوّل شخص جاء لطلب يدها، ولكنّها فاجأت الجميع برفضها القاطع! لم أكن أعتقد أنّ إرادتها قوّية بهذا الشكل، بدا عليها وكأنّها خجولة ولا تقوى على التعبير عمّا يجول في داخلها، ولكنّ إصرارها وعزمها كانا قويّين، لا محالة. بدا إصرارها جليّاً في عينيها البنيتين عندما خرجت من غرفتها وطلب الالتحاق ببرنامج الماجستير في يدها. لم يكن سامح هو الشاب الذي أرادت الارتباط به، لم يكن الارتباط هو حلمها في الوقت الحالي.

“ماذا تقولين؟! ماجستير؟ وما نفعه؟”  دوى صوت والديها في المنزل!

لم تلق أريج تشجيعاً من والديها حتى تكمل دراستها، أرادا إقناعها بأنّ الزواج أفضل وأكثر ضماناً من إكمال تعليمها الجامعي الأعلى، ولا سيّما أن سامح يملك بيتاً وسيّارة وعلى رأس عمله…أمّا هي فكان لديها رأياً مختلفاً.

نعيش في مجتمع يفكّر بطريقة مختلفة، مجتمع يرى أن التطوّر في مهارات الطهي أفضل من التطوّر في أي مهارة أخرى. يكفي أن يكون هنالك من الذكور من يجيدون الإدارة والتواصل والتخطيط، أمّا الفتاة فدعوها في المنزل بين جدران المطبخ، وخزائنه! دعوها تطهي الملوخيّة والأرز والدجاج، فإبداعها يكمن هنالك.

بسبب طبيعة المجتمع العربي، ورغبة الأهل العارمة في أن تكوّن الفتاة أسرة أكثر من رغبتهم في أن تكون الفتاة ناجحة على المستويين الأكاديمي والمهني، تضطر الفتاة أحياناً لأن ترضي أهلها وتخضع لرغبات المجتمع في أن تكون زوجة وأمّاً وربّة منزل…فماذا لو سعت نحو التحصيل الأكاديمي الأعلى وفقدت فرصة عمرها في الزواج؟! وماذا لو استثمرت أفضل سني عمرها في الدراسة والتطوير المهني بدل العشّ الزوجي؟ هل سيذهب مستقبلها سدى في هذه الحالة؟

ولكن من قال إنّها لا تستطيع أن تكون أمّاً وربّة منزل، وما المانع أن تكون مثقّفة وأكاديمية في ذات الوقت وأن تكون ناجحة ومتفوّقة في كلّ أمر؟ من المهم أن يكون للفتاة دوراً فعّالاً في التحصيل الأكاديمي والتطوّر المهني، ولا سيّما في مجتمع ذكوري قد يفضّل ارتقاء الرجال على النساء، وحريّ بنا أن نتشجّع بكلمات الرسول بولس الذي يذكّرنا: ” ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع” (غلاطية 3: 28)

 نعم، في يسوع المسيح كلّنا واحد، هي قادرة أن تدرس وأن تعلّم وأن تكتب وتبحث وتدير وتناقش، وأن تطهو وأن تلد وأن تربّي، نعم، هي قادرة على ما لا يقدر هو أن يقوم به، ولكنّها بحاجة إليه حتى يدعمها ويشجّعها ويساعدها أن تصل إلى ملء قامة إمكانيتها.

يريدنا الله كنساء أن نكون ناجحات ومثمرات في كلّ أمر، حتّى على مستوى كُليّتنا، واحدة ترشد، وثانية تعلّم، وثالثة تخطّط، ورابعة تترجم، وخامسة تدير، وسادسة تطهو، ماذا لو تركت كل هؤلاء النساء أعمالهن، وجلسن في البيت؟!  ماذا لو خضعن للفكر التقليدي الذي يشجعهنّ أن يبقين في منازلهنّ؟ من سيكمل العمل؟ ولكن “إله النجاح يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني”، و”أمين هو الذي دعانا سيدعو أيضاً”، سيدعو خادمات وأمّهات ومربيّات ومعلّمات ومرشدات وكاتبات ليخدمن أسرهنّ وبيوتهنّ وكنائسهن ويمجدّن إلههن فكراً وقولاً وفعلاً، حتى وإن تأخّر زواجهنّ لُحيَظة.