عيد الغطاس!

كما هو متوقع، فإن عيد الميلاد هو عيد له شأنه الكبير في بيت لحم. بينما يمر موسم عيد الميلاد لكثير من المسيحيين الغربيين مع مرور شهر ديسمبر، تستمر الاحتفالات في فلسطين! ومع اختلاف الطوائف الموجودة في فلسطين والمنطقة الأوسع عموما، يمثل شهر يناير احتفال عيد الغطاس. حيث يحتفل الكاثوليك بعيد الغطاس تقليديا في السادس من يناير، ويحتفل به الأرثوذكسيون في 19 يناير.

الشرق والغرب

في معظم الأحيان، يرمز عيد الغطاس في التقليد الغربي (الروم الكاثوليك والبروتستانت)، إلى زيارة المجوس للطفل يسوع. (متى 2: 1-12). ظهور الطفل المسيح إلى المجوس هو رمز لتجسد يسوع للأمم. ويشار إلى هذا اليوم أيضا باسم “يوم الملوك الثلاث” في أجزاء أخرى كثيرة من العالم.

بينما تعتبر الكنيسة الشرقية، والتي يمثلها في الغالب المسيحيون الأرثوذكس في المنطقة، عيد الغطاس اليوم الذي عُمّد فيه يسوع في نهر الأردن من قبل يوحنا المعمدان. (متى 3: 13-17). كل من هذه المفاهيم تسمو إلى شيء أكبر عندما يُنظر إليها على نطاق أوسع: وهو رؤية يسوع لتجسّده للعالم. سواء من خلال كونه طفلا صغيرا يسعى إليه المجوس الذين سافروا مسافة طويلة من أجل رؤية وعبادة هذا الملك الجديد، أو معمودية يسوع للإشارة إلى الموت والقيامة التي سيشهدها كل من أتباعه، نرى تفاعل الله مع الإنسانية في شخص يسوع.

الهوية

يتميز عيد الغطاس بشكل أكبر في الأرض المقدسة، حيث يمكن للمرء أن يذهب إلى نهر الأردن نفسه ويشارك في الاحتفال وتذكر معمودية يسوع. يذهب الناس من جميع الخلفيات المسيحية إلى نهر الأردن الواقع بين الضفة الغربية والأردن للمشاركة في الاحتفالات.

لقد تحدثت مع العديد من المسيحيين الفلسطينيين الذين ذهبوا إلى خدمات عيد الغطاس في نهر الأردن على مدى حياتهم، ووجدت أن العديد من تجاربهم تحوي نظرة مماثلة. لقد كان هذا الوقت الذي تذهب فيه أسرهم معا إلى موقع معمودية يسوع ويأخذون وقتا لتذكر هويتهم في هذه الأرض وعلى مر التاريخ كأتباع ليسوع.

“كمسيحيين، نحن نتذكر هويتنا عندما نذهب إلى هناك. بل إن البعض منا يختار أن يتعمد ثانية كرسالة تذكير وإعادة تكريس أنفسنا للمسيح “.

تحتشد ضفاف نهر الأردن بالحجاج الدينيين الذين يسافرون إلى الأرض المقدسة من جميع أنحاء العالم. يختار كثيرون منهم ارتداء ثوب أبيض، لينزلوا إلى الماء ويتعمدوا. انه عرض دولي، والذي يُرضي قلب الله كثيرا عند رؤية أطفاله من جميع أنحاء العالم يأتون معا للعبادة والاحتفال.

احتفال مزدوج!

بالنسبة للسكان المحليين، ولا سيما الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية والأردن، فإنها مناسبة لاحتفال مزدوج. قد قال لي عدد من المسيحيين الفلسطينيين الذين تحدثت إليهم، كيف أن هذا التجمع في نهر الأردن (الذي يشكل أيضا حدود الضفة الغربية المحتلة مع الأردن) هو احتفال مضاعف باعتباره فرصة لرؤية أفراد أسرهم الفلسطينيين الذين يعيشون في الأردن (الذين يُمنعون من الدخول إلى الضفة الغربية)، واقفين على ضفاف النهر من جهة الأردن. ونظرا للوضع السياسي، فإن العديد من الفلسطينيين الذين يقيمون الآن في الأردن لم يعودوا قادرين على العودة إلى فلسطين. وكانت إحدى القصص المعينة التي أعيد سردها لي هي كيف يمكن للعائلات التواصل على أجهزة الاتصال اللاسلكي خلال وقتهم عند النهر. كان هذا نوعا من أنواع “لم شمل الأسرة”.

لقد صعقني كيف أن هذا الاحتفال بعيد الغطاس – والذي يمثل إظهار الله نفسه للإنسانية في شكل رضيع، ثم في وقت لاحق بمعموديته وحياته وموته وقيامته – يترك لنا الانطباع عن أهمية التجسد. أن يصبح جسدا وأن يكون إنسانا هي أشياء رأى الله أنها مستحقة من أجل أن نعرفه. لذلك، عندما أسمع الفرح الذي جلبه إلى أصدقائي برؤية أفراد أسرهم جسديا على ضفاف نهر الأردن، أستطيع تصور الفرح الذي كان وما زال يجلبه إلى قلب الله العيش بين البشر. وأظن أن الله اليوم ينظر إلى إنسانيته، وعندما نسير في الطرق التي تعكس حياة وتعليم يسوع – الابن الذي أصبح الجسد – فهو يتوقف ويقول:

“هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت” (متى 3 :17)

لمزيد من المعلومات عن الأماكن والأشخاص والخبرات التي يمكن أن تكتسبها في زيارتك القادمة إلى الأراضي المقدسة، ألقى نظرة على موقع تعا شوف للسياحة. هذا الفرع الممتد من كلية بيت لحم للكتاب المقدس يقوم بتنظيم الرحل التي تعطيك الفرصة لرؤية جمال تاريخ الكتاب المقدس بينما يربطها جنبا إلى جنب مع الوضع الراهن لإسرائيل وفلسطين! تفحص الموقع، ولا تنسى التخطيط للقدوم لرؤية الأرض المقدسة بنفسك!