بعد مرور عامين على انضمامها لكلية بيت لحم للكتاب المقدس، المديرة الإدارية للكلية- جيهان تويمة  نزال تكتب…

“عندما تحب عملك، فإنك تمارسه بإحساس الفنان.”

عندما تحب عملك، فإنك تذهب إليه وقلبك معك يرافقك في كل خطوة…بل يكون عملك في قلبك.

عندما تحب عملك، ستتمكّن سريعاً من التحليق بحياتك لمستوى جديد من السعادة…

هي تلك التفاصيل الصغيرة التي تصيغ قصة حياة…

لحظات تشكّل عمراً…

صور وأحداث تشكّل شريط ذاكرةٍ زاخر بالحب يظل محفوراً في أعماق القلب.

هي فترة زمنية ليست بالطويلة مرّت عليّ منذ انضمامي لعائلة كلية بيت لحم للكتاب المقدّس، ولكنّها من أجمل فترات حياتي بل أكثرها عمقاً وإثراءاً وتطوّراً وسعادة وسلام.

عندما أحاول أن أعدّد النعم التي منّ الله بها علي، فإنني لا أستطيع إلا أن أعتبر وجودي في الكلية نعمة بألف نعمة…

فالكلية ليست مكاناً تعمل فيه للحصول على مصدر رزق، بل مكان تذهب إليه لتحقّق رسالة…
مكان حتى وإن لم تسمح لك الظروف بالذهاب إليه، فهو يعيش بداخلك ويتربّع على  عرش قلبك لما فيه من عظمة وروحانية وخصوصية لم أجدها في أي مكان آخر…

 

كلية بيت لحم للكتاب المقدس…

مؤسسة عمرها أربعون عاماً ونيّف، جسّدت مسيرة بناء وخدمة وعطاء مستمر. مسيرة مشرقة امتازت بالقوة والإيمان والعطاء والدافعية للسمو والتطور في تناغم أكاديمي وإداري وعلمي واجتماعي وإنساني.

 

كلية بيت لحم للكتاب المقدس…

مكانُ ترى فيه بركة الرب جليّة واضحة في أدق التفاصيل.

هي أكبر بكثير من مجرد كلية؛ فبالإضافة إلى كونها صرحاً تعليمياً مزدهراً يوفّر تخصصات وبرامج أكاديمية ذات قوة ومصداقية، فأنها تشكّل منارةً للعلم ومنصّة للمعرفة، وقاطرة فكرية وثقافية واجتماعية نهلت منها الأجيال فتدفّقت بالعطاء وتوهّجت بنور الإيمان وأصبح لها دوراً عظيماً في بناء وطننا الحبيب وترسيخ مسيرته الإنسانية.

كيف لا أشعر بالفخر والاعتزاز والمكانة التي وصلت إليها الكلية من مستوى رفيع وسمعة طيبة، وما حقّقته وتحقّقه على صعيد النهوض بمسيرة التعليم يدعوني إلى الفخر والاعتزاز.

ومما يزيدني فخراً هو استمرارها بالتوسّع والنمو والتقدّم والازدهار في إنجازاتها وفي دورها الرائد في مجتمعنا. وما يثلج صدري ويدفعني للمزيد من العطاء أن الكلية تتعدّى كونها مؤسسة أكاديمية، بل إنها موجودة لتشعّ نوراً في المجتمع ولتعكس محبة ورحمة الله بصورة عملية؛ فأحد أسمى أهدافها هو تشخيص المسيح من خلال خدمة المجتمع.

فحتى في خضمً معاناة شعبنا الفلسطيني، وفي ظل الظروف الصعبة التي نعيشها نتيجة غزو فايروس كورونا اللعين لعالمنا، تستمر الكلية في مسيرة الخير والعطاء، وتحمل الأمانة وتؤدي الرسالة، فتضفي حلّة إنسانية على خدماتها من خلال جمعية الراعي ( الذراع الإنساني للكلية)، فتقدّم الخدمات الإنسانية للفئات المحتاجة والفقيرة والمهمّشة بما أوتيت من قدرة دون تمييز. وفي خضمّ عطائها ، لا تنسى الكلية خدمة المرأة وتمكينها من خلال المرأة؛ فها هي خدمة آنية بيده تستمرّ بعطائها اللامحدود وتدعم المرأة وتساندها وتساعدها لتعيش بإيجابية، بل ولتشكّل عامل تغيير إيجابي لعائلتها ولمن حولها بنعمة الرب.

ومن خلال مركز رؤيا جديدة الإعلامي- والذي يعتبر جزءاً لا يتجزّأ من الكلية-، تسعى الكلية لتحقيق تغيير إيجابي في المجتمع ونشر رسالة المحبة والسلام والتسامح وتعزيز قيم الديمقراطية والعدل والمساواة.

ويأتي قسم التدريب المجتمعي متميّزاً في مخرجاته ويحرص على تلبية حاجة المجتمع المتزايدة؛ فيستمرّ بتقديم دوراته التدريبية وبرامجه وفقاً لأحدث المستجدّات.

ومن خلال استخدامها المتطور للتكنولوجيا المعلوماتية، فها هي برامج الكلية الأكاديمية تستمر بفعالية ونجاعة وكفاءة لتصل من خلال التعليم عن بعد ليس فقط إلى طلابنا وطالباتنا في فلسطين بل وإلى الطلاب العرب في مختلف أنحاء العالم.

فرغم الصعوبات والتحديات، لا زلنا مستمرّين بقوة- ببركة الرب وبدعم جميع الأصدقاء والداعمين لكليتنا- لتحقيق رسالتنا السامية.

اليوم يصادف مرور عامين على خدمتي في هذا الصرح الشامخ، واليوم، يقف لساني عاجزاً عن التعبير عمّا يكنّه القلب من امتنان. وإذ تغمرني الغبطة بأن أكون أحد أفراد عائلة الكلية، هذا البيت الدافئ الذي يحضن الجميع…بيتي الثاني الذي أحبه وأحب كل من فيه، أشعر بالفخر بماضي الكلية الزاهر وبالثقة في جهودها الراهنة وبالأمل والرجاء واليقين بتحقيق رؤيتها المستقبلية، وكلّي ثقة بأن هذه الكلية الغالية على قلبي ستظلّ ركيزةً دائمةً للمعرفة ومنبعاً للطاقات البشرية التي تتمثّل في إعداد أجيالٍ متتابعة من خدّام الرب الذين ينطلقون إلى جهات الوطن والعالم المترامية ليكونوا كما قال السيد المسيح:

” أن تكونوا بالإيمان والرجاء والمحبة في مجتمعاتكم كالملح الذي يعطي الحياة طعمها ، وكالنور الذي يضيء الظلمات بالحقّ، وكالخمير الذي يحوّل القلوب والعقول.”