الاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم (هيثم دعيق)
ديسمبر 19, 2023هل العهد القديم مهم؟
يناير 18, 2024“وَلَكِنْ عِندَما جاءَ الوَقْتُ المُناسِبُ، أرسَلَ اللهُ ابْنَهُ
الَّذِي وُلِدَ مِنَ امْرأةٍ وَعاشَ خاضِعاً لِلشَّرِيعَةِ.
(غلاطية ٤: ٤)
إننا نقترب من الاحتفال بذكرى ميلاد السيد المسيح. إنها مناسبة عظيمة، تجلت بها محبة الله، من خلال دخوله عالمنا، وتجسده بيننا. وتملأ قصة الميلاد في نفس الوقت الآلام. إنها تسرد لنا رحلة عائلة بسيطة من قرية مهمشة، تُجبر على السفر إلى مدينة أخرى، بحسب أوامر سلطة الاحتلال الرومانية، وليس بإرادة يوسف ولا مريم؛ لكي يتم تسجيلهم في تعداد سكاني. وهي أيضاً قصة امرأة شابة تلد طفلاً بعيداً عن عائلتها، ولا تجد مكاناً مناسباً لتضع فيه مولودها الجديد. يجوب خيالنا في غالب الأحيان تصوراً رومانسياً عن الميلاد، بينما تغيب عن خاطرنا تلك المعاناة التي اختبراها يوسف ومريم. ويعكس ذلك عمقاً لاهوتياً، حيث يظهر لنا أن الله المتجسد يسكن ويختبر ألم البشرية من رحم مريم، حتى قبل ميلاده. فقد أصبح رحم العذراء مريم الخيمة الحاضنة للحضور الإلهي. يرافق الله شابة وزوجها في رحلة شقاء تحت في واقع احتلال مرير.
تحاكي قصة الميلاد واقعنا الفلسطيني تحت الاحتلال. يُلزم الفلسطيني على السفر إلى مدن أخرى لكي يتم تسجيله ومنحه بطاقة هوية ممغنطة. وكم من نساء فلسطينيات أجبرن على الولادة على حواجز الاحتلال العسكرية، أو بعيداً عن عائلاتهن. وكم من جنين فلسطيني اختبر مع أمه الوقوف والتوتر والخوف على حاجز عسكري، أو ولد في سيارة إسعاف منعت من الوصول إلى مستشفى. وبينما قد يبدو الله بعيداً عن واقعنا، يشير سر التجسد إلى أن الله يسكن ويتعاضد مع المتألمين والمتألمات، كما يفعل أيضاً وسط تسبيحات شعبه. يكمن جمال قصة الميلاد في هذا السر العظيم؛ أن الله لم يُحبل به في فترة سلام وراحة، إنما تحت سطوة احتلال، حتى يختبر مثل الإنسان كل أشكال المعاناة في رحم مريم، وفي حياته، حتى يفتدي البشرية والمسكونة من كل ظلم وظلام بنوره العجيب.