وَلَكِنْ عِندَما جاءَ الوَقْتُ المُناسِبُ، أرسَلَ اللهُ ابْنَهُ الَّذِي وُلِدَ مِنَ امْرأةٍ وَعاشَ خاضِعاً لِلشَّرِيعَةِ. (غلاطية ٤: ٤)
ديسمبر 19, 2023هل العهد القديم مهم؟
مقدمة
التمرد وتعدي الإنسان على أخيه هو بذاته التمرد على الله ومعصيته. هي الخطية الأصلية التي تحدّث عنها الكتاب المقدس. ما قامت به دول محتلة في العالم عامةً وما تقوم به في غز…*
ة خاصةً هو عكس إرادة الله ولا علاقة له مع الله. فالمشكلة ليست بسبب العهد القديم بل تصرفات الإنسان وتماديه وعجرفته. شهدت الإنسانية ومازالت تشهد نزاعات وحروبات عنيفة ومرّبكة بسبب تعدّي وتمرد الإنسان على الله وأخيه الإنسان. فبسبب الشرور ينّفر الناس من الله ومن الكتاب المقدس خاصة العهد القديم. وهنا يجب أن نحترس وألا نظلم أحد على أمر ليس لنا علم فيه. وسؤالي هنا هل تريد حقاً أن تعّرف؟ أم إصدار الحكم ورفض الموضوع؟ لك حرية الخيار. لكن أشجع على القراءة والتفتيش. سأقوم بشرح بعض التساؤلات.
الكتاب المقدس
هو كتاب يحتوي على مجموعة من الكتب أو الأسفار والرسائل التي أوحى بها الله عن نفسه وارادته للبشرية. وسمي بالكتاب بسبب وحدانية الروح والرسالة. فاختار الله حوالي الأربعين كاتباً من مختلف بقاع الأرض في فترة زمنية تبلغ 1600 عام، ليكتبوا هذا السجل لعمل الله في التاريخ من أجل محبته للإنسان.
كُـتّاب العهد القديم كانوا بشرا مسوقين بالروح القدس دفعهم الله حتى يخبروا بكلمته للشعوب رغم أن ذلك قد جلب لهم القتل والاضطهاد مثل إيليا وإرمياء وعاموس وغيرهم. وبعدهم الرسل والتلاميذ الذين عاينوا الأحداث وقتلوا بسبب إيمانهم. أي ليسوا مجرد أشخاص اتفقوا ليؤلفوا كتابات.
رسالة الكتاب المقدس
إن الكتاب المقدس بجميع أسفاره له وحدة في التعليم والمصدر، وفيه صورة واحدة عن طبيعة الله وعمله. الله العظيم في محبته للبشر جميعاً. فيجب علينا أن ننظر في سياق الكتاب المقدس. وليس إلى الحرف. فسياق الكتاب المقدس يعبر ويمثل مبادرات عديدة لا حصر لها من الله ليحضر الإنسان ويقرّبه إليه.
يبدأ الكتاب ويتحدث عن الخلق وتعدّي الإنسان على الله وسقوطه في الخطية. ولحل هذه المشكلة بدأ الكتاب بإعطاء الوعود وارسال الأنبياء في العهد القديم. بدأت هذه المبادرات الإلهية بالتنبؤ بإرسال مخلص ليخلص البشرية من الخطية في سفر التكوين وليتمم وعود الله في فداء الإنسان. وقام الله بالعديد من الأعمال والتواصل مع شعوب الأرض وكان هدفه أن تخلص كل الشعوب بدون استثناء، وأن لا تتعدى وتؤذي بعضها البعض. فأعطاهم الوصايا والشريعة وأعطى الجميع رسائل عديدة للتوبة. يستخدم الله شعوباً لنشر إرادته ليس لأنهم أفضل، بل من أجل خلاص جميع الأمم. ولو فرضنا أن أي شعب يقوم بمثل هذه الأعمال من قصف ودمار هو انعكاس لعقلية الأباطرة، وهذه العقلية موجودة منذ التاريخ. فكم امبراطورية حكمت فلسطين والمناطق التي حولها وهدفها السيطرة على الفكر وخيرات البلاد خاصة الأرض. فلم يتغير شيء على تعدي الإنسان وظلمه للبشرية أي نفس الخطية الأصلية التي أوقعت الإنسان وأبعدته عن الله. فلو كان أساس أي شعب وحكومة هي تعاليم الكتاب المقدس فلن يكون أي تعدي كان من قصف وسلب وظلم. بل العكس تماما خير وتحويل الشر إلى الخير. لأن الكتاب المقدس ينهي أي تعدّي مهما كان صغيراً. فخلاصة العهد القديم والجديد في هذا الشاهد:
“يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 26فَقَالَ لَهُ:”مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» 27فَأَجَابَ وَقَالَ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ” (لوقا: 10: 26-27).
الكتاب المقدس هو سجل حقيقي وواقعي ليس فيه أي فبركة أو تجميل. يروي ما حدث من أحداث وقصص حقيقية ومعاصي البشر واخفاقاتهم تجاه الله والبشرية. قد ننفر من تصرفات البشر لكن هذه هي حقيقة الإنسان متمرد ويعصي الله طول فترة التاريخ.
الله يتكلم عن مملكة روحية ليست من صنع البشر أي لا دخل لها بوجود أسلحة وجيوش وأموال بل دائرة حكم الله للبشر. سمو أخلاقي وعلاقة مع الله تنعكس إيجاباً على الإنسان. جاهد السيد المسيح لنشر وإيضاح هذه الحقيقة وقصد الله منذ القديم. وما زال الكثيرون لا يفهمون هذا القصد.
السيد المسيح هو مبادرة الله العظيمة
جاء السيد المسيج ليقرب الصورة بين الله العظيم والإنسان وذلك بسبب عظمة محبة الله الذي افتقد البشرية كلها بدون استثناء. إن العهد الجديد وشهادة التلاميذ والرسل الذين ماتوا بأبشع الطرق من أجل نشر هذا الحق المعّلن من الله هو مصدر معرفتنا عن حياة السيد المسيح المخلص الذي تمم النبوءات السابقة عنه في العهد القديم. وشهد الرب يسوع نفسه عن العهد القديم 44وَقَالَ لَهُمْ:”هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ”(لوقا 24: 44).
ويؤكد بولس الرسول في العهد الجديد 12وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، 13الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ (كورنثوس الأولى 2: 12-13).
تعدّي البشر هو المشكلة
في زمن السيد المسيح كان يعتقد اليهود أنهم أبناء إبراهيم. فنبههم يوحنا المعمدان قبل بداية خدمة الرب يسوع بفترة قصيرة جدا إذ قال لهم: 7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ:«يَاأَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَب الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ. 10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ (متى 3: 7-10).
39أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ:«أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! (يوحنا 8: 39).
كان كبرياء الطبقات اليهودية مُنفراً للسيد المسيح والأفراد إذ كانوا يعتقدون أنهم الأفضل، وكان الرب دائماً موبخاً وموضحاً ما هو الحق. إذ كان تعامله متساوٍ مع الجميع دون تمييز أو عنصرية، لأن خلاص ومحبته الرب هو للجميع.
ما زال الكبرياء الأعمى يقود الناس الى الخطية والعنصرية وانكار للمخلص ومحبته. 19وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً (يوحنا 3: 19).
الكتاب المقدس لجميع الشعوب
لم يغير الله خطته منذ تأسيس العالم. فخلاصه لجميع الشعوب دون استثناء. لكن الشعوب هي من أساءت العهدة والرسالة.
18وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً، وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ؟ 19لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، لِيَعْمَلُوا بِرًّا وَعَدْلاً، لِكَيْ يَأْتِيَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ» )تكوين 18: 18-19).
ماذا يقول بولس الرسول الذي تغيرت حياته من قاتل إلى رسول للحق، عندما تقابل مع المسيح:
28لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 29فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ، فَأَنْتُمْ إِذًا نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَسَبَ الْمَوْعِدِ وَرَثَةٌ (غلاطية 3: 28-29).
1اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، 2كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ (عبرانيين 1:1-2).
كثير من الآيات والشواهد تتكلم في كلا العهدين عن قصد الله. وهذه الآيات تحتاج إلى دراسة من الجميع للفهم والتنوير. ولا نستطيع إلغاء أي عهد بسبب شر الإنسان. وهذه رسالة للتوبة والرجوع عن معاصي الإنسان. ودعوة لعمل العدل والخير والسلام الذي أوصانا به الله منذ القدم.
الحروب في العهد القديم
قام صديق لي وهو قسيس في كنيسة محلية في بيت لحم بإلقاء وعظة مهمة عن السلام والأوضاع الصعبة التي تمر بها مدينة غز…*ة. وجاء في أحد أقواله أثناء الوعظ:” إلى أصدقائنا الأوروبيين، لا أريد أبداً أن تعظوا علينا حقوق الإنسان أو القانون الدولي مرة أخرى. وأنا أعني ما أقول. لسنا من البيض فهذه القوانين لا تطبّق على غير البيض على ما أظن”.
لو قال هذا الكلام قبل الحرب على غز…*ة لقلنا أن هذا القسيس غير مؤدب متكبر ومتعجرف لا يحترم الناس. ولا الضيوف ويجب على الكنيسة طرده منها. لكن تأتي هذه المقولة لنجدة الناس. كانت هذه المقولة صوت نبوي مهم وضمير حي جاء في وقته لضحايا الحرب أمام صمت العالم على المجازر. نعم تكلم في سياق نحتاج كلنا إلى سماع هذه الكلمات الجريئة لأن حجم الدمار والتعدي لا يوصف.
الحروب في العهد القديم لها سياقها وظروفها وتفاصيلها التي لا نعرف كل حيثياتها. لكن من الواضح كان لدى شعوب كثيرة ومنها الشعب العبراني أخطاء وتصرفات مرعبة وتعديات أغضبت الله والإنسانية. لو كان لدينا المقدرة على مشاهدة واختبار شرور هذه الشعوب لغضبنا نحن منهم وطلبنا من الله ليحقق العدل بحزم. إن كنا نحن البشر نريد السلام والخير فكيف الله!
الأمر المؤكد والمشترك في التاريخ وإلى يومنا هذا هو التمرد والشر. نعم الخطية والتمرد لهما ثمن. لقد أحزن الإنسان قلب الله بخطاياه الغريبة والمرّبكة. لننظر ما يدور حولنا من شرور وتعديات.
نحتاج للدراسة والمعرفة
لم تكن لدى أيوب معرفة وعمق كافيان عن الله. وعندما صرخ أيوب من أوجاعه. كان رد الرب له: “فَأَجَابَ الرَّبُّ أَيُّوبَ مِنَ الْعَاصِفَة وَقَالَ: 2«مَنْ هذَا الَّذِي يُظْلِمُ الْقَضَاءَ بِكَلاَمٍ بِلاَ مَعْرِفَةٍ؟ 3اُشْدُدِ الآنَ حَقْوَيْكَ كَرَجُل، فَإِنِّي أَسْأَلُكَ فَتُعَلِّمُنِي. 4أَيْنَ كُنْتَ حِينَ أَسَّسْتُ الأَرْضَ؟ أَخْبِرْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ فَهْمٌ. 5مَنْ وَضَعَ قِيَاسَهَا؟ لأَنَّكَ تَعْلَمُ! أَوْ مَنْ مَدَّ عَلَيْهَا مِطْمَارًا؟ 6عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قَرَّتْ قَوَاعِدُهَا؟ أَوْ مَنْ وَضَعَ حَجَرَ زَاوِيَتِهَا، 7عِنْدَمَا تَرَنَّمَتْ كَوَاكِبُ الصُّبْحِ مَعًا، وَهَتَفَ جَمِيعُ بَنِي اللهِ؟”.
اليوم نئن بسبب عظمة العنصرية والأنانية تجاه الإنسانية. نعم نحن غاضبون ونريد من الله أن يعمل العدل حتى لو بطريقة مؤلمة.
الله خلق كل شعوب الأرض وأعطاهم السلطان والحرية. لكن تمردهم جميعاً الذي تخطى كل الخطوط الحمر. أحزن في الماضي قلب الله وجرح الإنسانية. وما زال اليوم يجرحنا.
الكتاب المقدس واضح ويتكلم عن عظمة سلطان الله. وله الحق في العقاب وردع الشر. هو سيد الشعوب. يعمل الحق والعدل ويحسم الأمور.
سأعطي مثال من الكتاب المقدس يشرح إحدى مبادرات الله للبشر في إرسال النبي إرمياء، ومشكلة تعدي البشر، وعقاب الله.
الله يطلب من إرمياء النبي
4فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلاً: 5«قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ». 6فَقُلْتُ: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ». 7فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ، لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِ تَذْهَبُ وَتَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ. 8لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ». 9وَمَدَّ الرَّبُّ يَدَهُ وَلَمَسَ فَمِي، وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ. 10اُنْظُرْ! قَدْ وَكَّلْتُكَ هذَا الْيَوْمَ عَلَى الشُّعُوبِ وَعَلَى الْمَمَالِكِ، لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِسَ».
وصف لتعديات الناس
11ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلاً: «مَاذَا أَنْتَ رَاءٍ يَا إِرْمِيَا؟» فَقُلْتُ: «أَنَا رَاءٍ قَضِيبَ لَوْزٍ». 12فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «أَحْسَنْتَ الرُّؤْيَةَ، لأَنِّي أَنَا سَاهِرٌ عَلَى كَلِمَتِي لأُجْرِيَهَا». 13ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ ثَانِيَةً قَائِلاً: «مَاذَا أَنْتَ رَاءٍ؟» فَقُلْتُ: «إِنِّي رَاءٍ قِدْرًا مَنْفُوخَةً، وَوَجْهُهَا مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ». 14فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «مِنَ الشِّمَالِ يَنْفَتِحُ الشَّرُّ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ الأَرْضِ. 15لأَنِّي هأَنَذَا دَاعٍ كُلَّ عَشَائِرِ مَمَالِكِ الشِّمَالِ، يَقُولُ الرَّبُّ، فَيَأْتُونَ وَيَضَعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ كُرْسِيَّهُ فِي مَدْخَلِ أَبْوَابِ أُورُشَلِيمَ، وَعَلَى كُلِّ أَسْوَارِهَا حَوَالَيْهَا، وَعَلَى كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا. 16وَأُقِيمُ دَعْوَايَ عَلَى كُلِّ شَرِّهِمْ، لأَنَّهُمْ تَرَكُونِي وَبَخَّرُوا لآلِهَةٍ أُخْرَى، وَسَجَدُوا لأَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ.
14اِغْسِلِي مِنَ الشَّرِّ قَلْبَكِ يَا أُورُشَلِيمُ لِكَيْ تُخَلَّصِي. إِلَى مَتَى تَبِيتُ فِي وَسَطِكِ أَفْكَارُكِ الْبَاطِلَةُ؟ (إرمياء 4: 14).
22«لأَنَّ شَعْبِي أَحْمَقُ. إِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا. هُمْ بَنُونَ جَاهِلُونَ وَهُمْ غَيْرُ فَاهِمِينَ. هُمْ حُكَمَاءُ فِي عَمَلِ الشَّرِّ، وَلِعَمَلِ الصَّالِحِ مَا يَفْهَمُونَ» (إرمياء 4: 22(.
1« طُوفُوا فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ وَانْظُرُوا، وَاعْرِفُوا وَفَتِّشُوا فِي سَاحَاتِهَا، هَلْ تَجِدُونَ إِنْسَانًا أَوْ يُوجَدُ عَامِلٌ بِالْعَدْلِ طَالِبُ الْحَقِّ، فَأَصْفَحَ عَنْهَا؟ 2وَإِنْ قَالُوا: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ. فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ بِالْكَذِبِ!» 3يَا رَبُّ، أَلَيْسَتْ عَيْنَاكَ عَلَى الْحَقِّ؟ ضَرَبْتَهُمْ فَلَمْ يَتَوَجَّعُوا. أَفْنَيْتَهُمْ وَأَبَوْا قُبُولَ التَّأْدِيبِ. صَلَّبُوا وُجُوهَهُمْ أَكْثَرَ مِنَ الصَّخْرِ. أَبَوْا الرُّجُوعَ. 4أَمَّا أَنَا فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُمْ مَسَاكِينُ. قَدْ جَهِلُوا لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، قَضَاءَ إِلهِهِمْ. 5أَنْطَلِقُ إِلَى الْعُظَمَاءِ وَأُكَلِّمُهُمْ لأَنَّهُمْ عَرَفُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، قَضَاءَ إِلهِهِمْ. أَمَّا هُمْ فَقَدْ كَسَرُوا النِّيرَ جَمِيعًا وَقَطَعُوا الرُّبُطَ. 6مِنْ أَجْلِ ذلِكَ يَضْرِبُهُمُ الأَسَدُ مِنَ الْوَعْرِ. ذِئْبُ الْمَسَاءِ يُهْلِكُهُمْ. يَكْمُنُ النَّمِرُ حَوْلَ مُدُنِهِمْ. كُلُّ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا يُفْتَرَسُ لأَنَّ ذُنُوبَهُمْ كَثُرَتْ. تَعَاظَمَتْ مَعَاصِيهِمْ!
7«كَيْفَ أَصْفَحُ لَكِ عَنْ هذِهِ؟ بَنُوكِ تَرَكُونِي وَحَلَفُوا بِمَا لَيْسَتْ آلِهَةً. وَلَمَّا أَشْبَعْتُهُمْ زَنَوْا، وَفِي بَيْتِ زَانِيَةٍ تَزَاحَمُوا. 8صَارُوا حُصُنًا مَعْلُوفَةً سَائِبَةً. صَهَلُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى امْرَأَةِ صَاحِبِهِ. 9أَمَا أُعَاقِبُ عَلَى هذَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَوَ مَا تَنْتَقِمُ نَفْسِي مِنْ أُمَّةٍ كَهذِهِ؟ (إرمياء 5: 1-9).
23وَصَارَ لِهذَا الشَّعْبِ قَلْبٌ عَاصٍ وَمُتَمَرِّدٌ. عَصَوْا وَمَضَوْا. 24وَلَمْ يَقُولُوا بِقُلُوبِهِمْ: لِنَخَفِ الرَّبَّ إِلهَنَا الَّذِي يُعْطِي الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ فِي وَقْتِهِ. يَحْفَظُ لَنَا أَسَابِيعَ الْحَصَادِ الْمَفْرُوضَةَ.
25«آثَامُكُمْ عَكَسَتْ هذِهِ، وَخَطَايَاكُمْ مَنَعَتِ الْخَيْرَ عَنْكُمْ. 26لأَنَّهُ وُجِدَ فِي شَعْبِي أَشْرَارٌ يَرْصُدُونَ كَمُنْحَنٍ مِنَ الْقَانِصِينَ، يَنْصِبُونَ أَشْرَاكًا يُمْسِكُونَ النَّاسَ. 27مِثْلَ قَفَصٍ مَلآنٍ طُيُورًا هكَذَا بُيُوتُهُمْ مَلآنَةٌ مَكْرًا. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ عَظُمُوا وَاسْتَغْنَوْا. 28سَمِنُوا. لَمَعُوا. أَيْضًا تَجَاوَزُوا فِي أُمُورِ الشَّرِّ. لَمْ يَقْضُوا فِي الدَّعْوَى، دَعْوَى الْيَتِيمِ. وَقَدْ نَجَحُوا. وَبِحَقِّ الْمَسَاكِينِ لَمْ يَقْضُوا. 29أَفَلأَجْلِ هذِهِ لاَ أُعَاقِبُ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَوَلاَ تَنْتَقِمُ نَفْسِي مِنْ أُمَّةٍ كَهذِهِ؟
30«صَارَ فِي الأَرْضِ دَهَشٌ وَقَشْعَرِيرَةٌ. 31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ، وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَشَعْبِي هكَذَا أَحَبَّ. وَمَاذَا تَعْمَلُونَ فِي آخِرَتِهَا؟ (إرمياء 5: 23-30).
الظروف مختلفة، لكن نفس الشر والخطية الأصلية التي أوقعت جميع الشعوب في مطبات الألم.
تأتي الحلول في التوبة عن خطايانا والرجوع إلى الله، في الاستنارة وطلب الحق. هو ينتظرنا ودائماً معنا. 4الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ (تيموثاوس الأولى2: 4).