في عام 1979، كان الدكتور بشارة عوض قد عاد مؤخرا إلى موطنه فلسطين بعد دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية. كمدير لمدرسة الأمل المسيحية في بيت جالا، رأى بشارة أن الكثير من طلابه يسافرون إلى الخارج من أجل إكمال تعليمهم اللاهوتي، والكثير منهم لا يعود أبدا. كانت الحياة في فلسطين صعبة، وكان السكان المسيحيون يتقلصون. هل كان من شأن هذه الطائفة المسيحية القديمة في الأراضي المقدسة أن تختفي تماما؟ بدأ الحلم ينمو في قلبه: كلية إنجيلية للكتاب المقدس متعددة الطوائف في فلسطين، حيث يمكن للطلاب الدراسة والعمل في وطنهم.

بعد عرض فكرته أمام مجموعة من القساوسة العرب المحليين، كان هناك اتفاق بالإجماع بضرورة وجود هذه المدرسة، حيث أعطى أحد القساوسة الدكتور بشارة أول دعم نحو حلمه: 20$، وشكلت المجموعة مجلسا من القادة من خلفيات مختلفة، بما في ذلك الأرثوذكسية والكاثوليكية واللوثرية، والانجليكانية، والإنجيلية. قدّمت مدرسة الأمل المسيحية حرمها لتبدأ كلية بيت لحم للكتاب المقدس الدروس المسائية ل 9 طلاب.

خلال السنوات القليلة الأولى، كانت المحاضرات تُدرّس من قبل مبشّرين أجانب نظرا لعدم وجود فلسطينيين محليين ذوي تدريب لاهوتي. لقد جلبهم الله في الوقت المناسب تماما، وكانت مساعدتهم لا تقدر بثمن في وضع حجر الأساس للكلية.

على مر السنين واصلت كلية بيت لحم للكتاب المقدس في التوسع. في عام 1990، كانت الكلية في حاجة كبيرة لمرافق دائمة أكبر. وبعد الكثير من الصلاة، وفّر الله موقعا جديدا على شارع القدس الخليل المزدحم. كان الحرم الجامعي يُستخدم سابقا كمنازل هيلين كيلر للمكفوفين.

على مدى العقد التالي، قمنا بتجديد المباني، فأضفنا فصولا دراسية ومكتبة عامة، وكنيسة صغيرة، ومركزا لوسائل الإعلام، ودارا للضيافة. في عام 2010، أنجزنا مركز بشارة عوض، وهو مبنى من ثلاثة طوابق يوفر فصولا دراسية حديثة، جنبا إلى جنب مع الكنيسة الصغيرة وكافتيريا وصالة جديدة.

وردا على الحاجة المتزايدة للتدريب اللاهوتي للمسيحيين الناطقين بالعربية في إسرائيل، وسّعنا برنامجنا ليصل إلى منطقة الشمال. تشكلت كلية الجليل للكتاب المقدس في عام 2007، وفي عام 2015 اندمجت مع معهد الناصرة اللاهوتي الإنجيلي لتصبح كلية الناصرة الإنجيلية.

بعد سنوات قليلة أصبحنا قادرين على تحقيق حلم طال انتظاره؛ بأن نبدأ حرما في غزة من خلال الأقمار الصناعية، حيث يجري التدريس في وحدات (مع مدربين دوليين بالدرجة الأولى) ومن خلال التعليم عن بعد. يعمل هذا البرنامج الحيوي على تعزيز المجتمع المسيحي الصغير في قطاع غزة.

في عام 2012، نقل الدكتور بشارة عوض عصا القيادة للقس الدكتور جاك سارة، وهو نفسه خريج كلية بيت لحم للكتاب المقدس. تحت قيادة الدكتور سارة، تستمر الكلية في النمو وتوسيع رؤيتها الأصلية.

واليوم، كلية بيت لحم للكتاب المقدس هي كلية مزدهرة توفر برنامج بكالوريوس في الدراسات اللاهوتية والتعليم المسيحي، وبرنامج ماجستير في القيادة والخدمة المسيحية ودرجة ماجستير أخرى في دراسات السلام، بالإضافة إلى برامج الدبلوم في السياحة والدراسات الإعلامية، والمعتمدة من قبل جمعية الشرق الأوسط للتعليم اللاهوتي (MEATE)، ووزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية وعدد من الجمعيات اللاهوتية الدولية.

تستعد كلية بيت لحم للكتاب المقدس الآن لإطلاق برنامج التعليم الإلكتروني عن بعد في خريف عام 2016، والذي سوف يكون متاحا للطلاب في جميع أنحاء العالم العربي.

وتتبع الكلية مجموعة من الخدمات الإضافية التي نمت من خلال كلية بيت لحم للكتاب المقدس؛ مؤتمر المسيح أمام الحاجز الذي يقام كل سنتين لغرض إشراك المجتمع الإنجيلي الأوسع في مناقشات قوية ومدروسة للكتاب المقدس تتعلق بالقضايا المحيطة بفلسطين وإسرائيل. جمعية الراعي؛ وخدمة المرأة؛ والتوعية الإعلامية؛ والمكتبة العامة؛ ودروس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية؛ والمخيم الصيفي للأطفال، هي جميعها أمثلة متنوعة لطرق انخراطنا وتواصلنا مع المجتمع.

ومع فريق من الموظفين وأعضاء هيئة التدريس المحليين المؤهلين تأهيلا عاليا، قطعت كلية بيت لحم للكتاب المقدس شوطا طويلا في إعداد القادة الفلسطينيين المسيحيين المتعلمين الذين يخدمون مجتمعاتهم المحلية. وكرئيس فخري، يقول بشارة عوض بأن “الكنيسة الآن مستيقظة” في فلسطين، وتقوم كلية بيت لحم للكتاب المقدس بدور حيوي في خدمة احتياجاتها في مواجهة العديد من الضغوطات السياسية والاجتماعية.