الذكاء الاجتماعي من منظور الكتاب المقدس

الذكاء الاجتماعي من منظور الكتاب المقدس

الذكاء الاجتماعي من منظور الكتاب المقدس

سمي هذا المصطلح بالذكاء الاجتماعي في العام 1920 على يد عالم النفس الأمريكي إدوارد ثورندايك كنظرية لتساعد العديد من الفئات الضعيفة وغير الضعيفة القدرة في التعامل مع الآخرين. وقد يكون سماع هذا المصطلح للوهلة الأولى غريباً بعض الشي أو جديداً لكنه في الحقيقة مصطلح شامل لجميع القدرات والمهارات الموجودة في الإنسان التي خلقها الله لتساعده على العيش بكرامة وتسهيل صعوبة الحياة له من وعي وتنظيم للذات. هو سلاح خلقه الله للمقدرة على التصدي لسلبيات الحياة وقسوتها ولم شمل العلاقات بعضها ببعض. هو خير للإنسان. هو ليس مصطلحاً علمياً بل حاجة ماسة جداً لكل إنسان بتدريب نفسه للحصول على هذا الكنز العظيم. سأتكلم عن تعريف المصطلح، وعن تواجده في سياق الكتاب المقدس وكيفية تطويره وبعض الأمثلة العملية عنه.

الذكاء الاجتماعي هو قدرة الإنسان على التناغم والانسجام بشكل فعال مع محيطه من بيئة وأفراد خاصة في العلاقات. هذه موهبة عظيمة، لتسهل حياة الإنسان إذ تكسبه الكثير من الخيرات والبركات.  قد يكون فطري أي يولد مع الإنسان وأيضاً صفة لا بد من تعلمها واكتسابها عن طريق التجارب والخبرات. قد تكون ذكياً ولكن ليس لديك ذكاء اجتماعي.

الذكاء الاجتماعي يشمل جميع نواحي الحياة بدءاً من الفرد وصولا إلى صانعي القرار، فكم من مشكلة أو أزمة نستطيع حلها بصدق مبادرة الذكاء الاجتماعي بدءاً من حسن النوايا وكسب العلاقات وتحويل السلبية والأزمة إلى حل وازدهار يعود بالمنفعة على كل الأطراف.

الذكاء الاجتماعي في الكتاب المقدس

نستطيع أن نلاحظ وندرك الذكاء الاجتماعي في سياق الكتاب المقدس في العديد من المواقف والقصص الواردة في الكتاب المقدس. اذ يؤكد الإنجيل تعامل ومبادرات الله للإنسان لخلق علاقة جيدة معه وبالتالي تنعكس ايجاباً مع الآخرين. إذ بادر الله بعدد لا يحصى من المبادرات في سبيل خلق وتوعية قصده للبشرية. فوضع الشرائع ووجّه الأنبياء للتعليم ومناداة الحق والتعاليم السماوية الهادفة لتغيير الإنسان إلى الأفضل، وأهمية وواجب تعامل الإنسان مع أخيه الانسان بكل وقار ومحبة واحترام. من خلال الأحداث ومجيء السيد المسيح وتعاليمه السماوية لتنغرس فينا فيظهر الحق. يقول الإنجيل عن يسوع “الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا” (أعمال الرسل 10: 38).

ندرك الذكاء الاجتماعي في تعاليم الرب يسوع المسيح وبالأمثال التي قالها وعلمها للناس بوعظه للناس عن محبة الله والملكوت وتعاليمه الواقعية في تحديه للطمع إذ أن الطمّاع يقتل كل العلاقات الطيبة ويسمم العقول ويقود الإنسان الى تخريب علاقاته مع محيطه كله.  مثال آخر في التطويبات إذ يقول السيد المسيح في إحدى تطويباته “طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون“. كم نحن بحاجة لصانعي السلام بدل المشاكل والخصومات والحروبات على جميع الأصعدة. لو طبقنا وفهمنا التطويبات فقط لوفرنا طاقات هائلة في حل النزاع ووفرنا الدماء وبنينا الجسور بين جميع أبناء المعمورة. الذكاء الاجتماعي هو كسب الناس وليس العكس. الله يريد منا في الكتاب المقدس أن نتوب عن تعدّينا وإهمالنا وأنانيتنا التي دمرنا وشوهنا بها العلاقات الجميلة. لقد وضعنا الحواجز بيننا وبين الآخرين بدلاً من أن نجذبهم للرب وإلينا.

يعلمنا الكتاب المقدس بأن الله هو ربّ المبادرات التي لا تحصى لاسترداد العلاقة مع الإنسان وخلاصه. نعم الإله العظيم قام بالعديد من الأعمال والأحداث ومن أجل الإنسان وآخرها في وجود الرب يسوع المسيح معنا ليكمل العمل ويرفع من وعي وسمو البشر ويجمعنا معه في علاقة بنوية أبدية.

نلاحظ الذكاء الاجتماعي يصب في الهدف الرئيسي للخلق في وجود علاقة طيبة ومحبة كاملة مع الله ومع أخينا الإنسان دون تعدي أو معصية.

نرى الذكاء الاجتماعي في ثمار الروح القدس “وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ )غلاطية 5: 22-23). تخيلوا لو أننا طبقنا اساسيات هذه الثمار في تعاملنا اليومي مع الناس وفي كل الأماكن من محبة أو طول أناة أو لطف، كم سيكون التأثير وكم سنتجنب مشاكل وصراعات. سنكسب احترام وإخلاص الناس لنا. سنحافظ على محيطنا بكل قوة. إن طبيعة العلاقات والمواقف تحتاج إلى الأسلوب الجميل واللطف والوداعة وطول الأناة لنحسم كثير من المشاكل ونحسن الظروف المحيطة بنا.

لقد أوكلنا الله في محبة الله والقريب خلاصة الكتاب المقدس.

الذكاء في حياتنا العملية. بعض الأمثلة:

تعلمنا تعاليم الرب بأن تكون المعاملات صادقة خارجة من القلب بدون تصنع لأننا ببساطة نستطيع أن نفرق ونكشف ما هو حقيقي أو مزيف فالذكاء الاجتماعي مبني على كسب ود الناس وأن تكون صادقاً مع نفسك ومعهم.

ابتسامة دائمة صادقة بدون تزييف، الموازنة بين الأفعال والأقوال أي لا وجود تناقض بينها. عدم التصنع والمجاملة المزيفة أي بدون تمثيل. عدم استفزاز الناس. الاحترام والتقدير. تقدير وقتهم والالتزام بأوقات المواعيد والأفعال. ستكسب ثقة الناس وتزدهر أحوالك المالية والاجتماعية. القدرة على ربط الأمور وتجنب الأخطاء قدر الإمكان.

من علامات الذكاء الاجتماعي الاصغاء للآخرين، والانتباه لهم والمحاولة لسماعهم، ومساعدتهم ليس بهدف الرد. مهارة في الحديث الإيجابي الصادق اللطيف. النزاع موجود وطبيعي للأسف لا مفرّ منه ولكن بالأسلوب الطيب والذكي نستطيع تجنب الكثير من النزاعات. إذ يقول الإنجيل في سفر الأمثال “الجواب اللين يصرف الغضب، والكلام الموجع يهيج السخط” (أمثال 15: 1).

لا بدّ للخطأ ولكن مع التوبة والرجوع الى الله وحب التغيير، نساهم في تمكين الصداقات وحل المعضلات العالقة بسبب الأسلوب والخطية المنفرة. الذكاء يحتاج الى التغيير والرجوع عن أي معاص تحزن الله والآخرين.

التواضع من أهم سمات الذكاء الاجتماعي لأن التكبر ينفر منه الناس ويكسب صاحبه عداوة الناس له بدلاً من دعمهم ومساندتهم. أي خسارة في العلاقات. لقد علمنا يسوع المسيح بغسله لأرجل التلاميذ درساً في التواضع والمحبة.

الاهتمام بالآخرين. لقد كانت حياة يسوع المسيح اهتمام ومحبة للناس في تعامله وشفائه واطعامه إذ يقول الكتاب “كان يجول يصنع خيراً“.

الله يريدنا أن ننسجم وتآلف مع الجميع وكسب تعاونهم معك. لقد وفر الله لنا المواهب والقدرات التي تساعدنا في الاستمرارية بأقل الصعوبات عن طريق المهرات التي زرعها الله لنا.

الذكاء الاجتماعي قد يكون مصطلحاً علمياً اجتماعياً عاماً لكن في الحقيقة الله خلقة ليزرع فينا أهمية صدق العلاقات والابتعاد عن الزيف والتصنّع وليعلمنا ما هي إرادة الله الصالحة لخير البشر جميعا. هو لم شمل الجميع.